المقالات
محطات من محرم الحرام
مسلم بن عقيل ثبات وشهادة
علي الأكبر(ع) تضحية ووفاء
العباس (ع) تضحية ووفاء
الطالب بدم المقتول بكربلاء
مصائب النسوة والأطفال
تاريخ النهضة الحسينية
في درب الشهادة
رجال حول الحسين
سفير الحسين
عاشوراء والإمام الخميني
مواقف خالدة
رحلة السبي
خصائص ومرتكزات
شهادة الإمام السجاد
محطات قدسية
مجالس ومأتم
معرض الصور
لوحات عاشورائية
مراقد وأماكن مقدسة
مخطوطات
المكتبة
المكتبة الصوتية
المكتبة المرئية
 
 

سمات الإمام الحسين عليه السلام
 
الهوية الشخصية
تواريخُ وأرقام
المظاهِرُ الخَلْقية
الخُلُقُ العظيم
الطهارةُ الإلهيّة
القوّةُ الغيبيّة
شؤون خاصّة


الهويّة الشخصيّة

اسمه:الحُسَيْن.
عن عليّ عليه السلام لمّا وُلِدَ الحسنُ سمّاه حمزة,فلمّا وُلِدَ الحسينُ سمّاه بعمّه جعفر.
قال عليّ عليه السلام:فدعاني رسولُ الله صلّى الله عليه واَله وسلّم فقال:إنّي اُمرتُ أن اُغيّر اسمَ ابنَيَّ هذين.
فقلت:اللهُ ورسولُه أعلم.فسمّاهما حسناً وحسيناً1.

وإذا كان عليٌّ يُحاول أنْ يُخَلّدَ باسمي ابنيه ذكر عمّه حمزة، و أخيه جعفر، وتفاؤلاً أنْ يخلفاهما في النضال والهمّة والمجد فإنّ الوحيَ الذي لا ينطقُ الرسولُ إلا عنه قد حكمَ لهما باسمين آَخرين وأمَرَ الوحيُ الرسولَ الكريمَ أنْ يُبلّغَ هذا الحكمَ، فلم يجدْ من عليّ غير التسليم لأمر السماء.


والاسمان السماويّان هما:

الحسن والحسين اسمان من أسماء أهل الجنّة لم يكونا في الجاهلية2.
ويؤكّد الرسولُ على هذه التسمية فيُعْلِنُ عن أسباب اختيارها في ما رواه سلمان قال:قال رسول الله:سَمّى هارونُ ابنيه شَبَراً و شُبَيْراً,وإنّي سَمَيتُ ابنَيَ الحسنَ والحُسَيْنَ بما سمّى به ابنيه:شَبَراً وشُبَيْراً.
إنّ الرسولَ إذْ يعلّلُ تسمية الحسن والحسين بما فعل هارونُ يذكّر بما لاسم هارون من ربطٍ بشأن أبي الحسن والحسين وما جاء عن الرسول من حديث المنزلة، حين أعلنَ فيه النبيّ صلّى الله عليه واَله وسلّم يقول:عليُّ منّي بمنزلة هارونَ من موسى إلاّ أنّه لا نبيَ بعدي. الذي خرّجه بعض الحّفَاظ من 500 طريق وعُدّ في المتواتر3.
فإذا كان عليّ بمنزلة هارون في الخلافة والوزارة، فليكن اسما ابنيه كاسمي ابني هارون ليدلاّ على التنزيل منزلته في جميع الشؤون بلا استثناء سوى النبوّة التي ختمت بالرسول صلّى الله عليه واَله وسلّم.

كنيته:
أبو عبد الله:اتّفق على ذلك المؤرّخون والمحدّثون وما كنّي بغيرها4.

ألقابه:
سبط رسول الله صلّى الله عليه واَله وسلّم:كذا ذكره ابن عساكر5 وجاء في المأثور عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام تلقيب الإمام الحسين به وكذلك باللقب التالي6.
سيّد شباب أهل الجنّة: وهذا اللقب مأخوذ من حديث رسول الله صلّى الله عليه واَله وسلّم لما قال في الحسين وفي أخيه الحسن: سيّدا شباب أهل الجنّة.ريحانة رسول الله صلّى الله عليه واَله وسلّم: كذا ذكره ابن عساكر7 وهو كذلك مأخوذ من حديث رسول الله صلّى الله عليه واَله وسلّم حين قال فيه وفي أخيه الحسن: هما ريحانتاي من الدنيا.

أبوه:
أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب بن عبد المطلّب بن هاشم بن عبد مناف بن قصيّ القرشيّ الهاشميّ المطّلبيّ الطالبيّ عليه السلام.

أُمّه:
الزهراء فاطمة بنت رسول الله محمّد صلّى الله عليه واَله وسلّم.
وأُمّها:خديجة بنت خويلد بن أسَد بن عبد العزّي بن قصيّ8 رضوان الله عليها.
أمّا الهالةُ التي تكتنفُ الحسين عليه السلام من طرفي أُمّه وأبيه وما لتلك العائلة الكريمة من الشرف في النسب والحسب فلنقرأ عنها الحديث:
عن ربيعة السعدي قال:لمّا اختلف الناس في التفضيل رحلتُ راحلتي وأخذتُ زادي حتّى دخلتُ المدينة فدخلتُ على حُذيفة بن اليمان فقال لي: ممّن الرجلُ? قلتُ: من أهل العراق.
فَقال:من أيّ العراق? قلتُ:رجل من أهل الكوفة.
قال:مرحباً بكم يا أهل الكوفة.
قلتُ:اختلف الناسُ في التفضيل فجئتُ لأسألك عن ذلك؟
فقال لي:على الخبير سَقَطْتَ أما إنّي لا أحدّثك إلاّ بما سمعتْهُ أُذنايَ ووعاهُ قلبي وأبصرتْه عيناي، خرج علينا رسولُ الله صلّى الله عليه واَله وسلّم -كأنّي أنظر إليه كما أنظر إليك الساعة حاملَ الحسين بن عليّ على عاتقه -كأني أنظر إلى كفّه الطيّبة واضِعَها على قدمه يُلصقها بصدره- فقال: يا أيّها الناسُ، لأعرفنّ ما اختلفتم -يعني في الخيار بعدي.هذا الحسينُ بن عليّ، خير الناس جدّاً وخير الناس جدّةً، جدّه مُحمّدٌ رسول الله سيّد النبيّين، وجدّته خَديجة بنت خويلد سابقة نساء العالمين إلى الإيمان بالله ورسوله.هذا الحسينُ بن عليّ، خير الناس أباً وخير الناس أُمّاً، أبوه عليّ بن أبي طالب أخو رسول الله صلّى الله عليه واَله وسلّم ووزيرُه وابن عمّه وسابق رجال العالمين إلى الإيمان بالله ورسوله.
وأُمّه فاطمة بنت محمّد سيّدة نساء العالمين.
هذا الحسينُ بن عليّ، خيرُ الناس عمّاً وخير الناس عمّةً، عمّه جعفر بن أبي طالب المزيَن بالجناحين يطيرُ بهما في الجنّة حيثُ يشاء، وعمّته أُمّ هانى بنت أبي طالب.هذا الحسين بن عليّ، خير الناس خالاً وخير الناس خالةً، خالُهُ القاسمُ بن محمّد رسول الله، وخالته زينب بنت محمّد رسول الله.ثمَ وضعه عن عاتقه فدرج بين يديه وحَبا.
ثم قال:يا أيّها الناس، هذا الحسين بن عليّ، جدّه وجدّته في الجنّة وأبوه وأُمّهُ في الجنّة وعمّه وعمّتهُ في الجنّة وخاله وخالته في الجنّة وهو وأخوه في الجنّة. إنّه لم يُؤْتَ أحدٌ من ذرّيّة النبيّين ما أُوتي الحسين بن عليّ ما خلا يوسف بن يعقوب9.

تواريخ وأرقام
الولادة:عامها وشهرها ويومها
أجمع المؤرّخون على ولادته في سنة أربع من الهجرة، و محدّثو الشيعة وعلماؤهم أثبتوا ولادته سنة ثلاث من الهجرة.
ونقل ابن عساكر عنهم ولادته في شهر شعبان لليالٍ منه أو لخمس ليال بالضبط والمشهور في الثالث منه.
ولكنّ التحقيق يدلّنا على أنّ ولادته كانت في آخر ربيع الأوّل، لإجماع الرواة على ولادة الحسن أخيه في النصف من شهر رمضان10.
وإجماع أهل البيت على ولادة الحسين بعده بستّة أشهر وعشرة أيّام11.

مكان الولادة:المدينة المنوّرة.
وبالضبط في بيت عليّ وفاطمة الزهراء المجاور لدار الرسول صلّى الله عليه واَله وسلّم والواقع في داخل المقصورة الشريفة وسط المسجد النبويّ
الشريف ثاني الحرمين الشريفين من أفضل بقاع الأرض.


الشهادة:عامها وشهرها ويومها:
قال ابن عساكر:أجمع أكثر أهل التاريخ أنّه قتل في المحرّم سنة إحدى وستّين يوم عاشوراء يوم السبت12 وقيل: الجمعة13.


مكان الشهادة:نهر كربلاء.
وبالضبط جنبَ الفُرات المارّ بمدينة كربلاء المقدّسة والتي تسمّى نينوى والغاضرية والحائر قريباً من الكوفة في أرض العراق.


مدّة عمره:

ستّ وخمسون عاماً وتسعة أشهر وعشرة أيّام14.
فكان مقامُه مع جدّه رسول الله صلّى الله عليه واَله وسلّم: سبع سنين إلاّ شهراً.
وأقامَ مع أبيه أمير المؤمنين عليه السلام ثلاثين سنة إلاّ خمسة أشهر وأيّام.
ومع أخيه الحسن عليه السلام عشر سنين إلاّ ستّة أشهر وعشرين يوماً.
وإمامتهُ بعد أخيه عشر سنين وعشرة أشهر إلاّ عشرة أيّام15.
خرج من المدينة بعد ما جاء خبر موت معاوية في النصف من رجب سنة ستّين16.
وخرج من مكّة متوجّهاً إلى العراق يوم الاثنين في عشر ذي الحجّة سنة ستّين17.
وورد كربلاء في الثاني من المحرّم سنة إحدى وستّين18.
وكان قتله في العاشر من المحرّم يوم عاشوراء من تلك السنة19.

المظاهر الخَلْقية
كان الحسين عليه السلام يُشبَهُ بجدّه الرسول في الخِلْقة واللونِ ويقتسمُ الشَبَهَ به صلّى الله عليه واَله وسلّم مع أخيه الحَسَن. ولا غَرْوَ فهما فِلقتان من ثمرةٍ واحدة من الشجرة التي قالَ فيها رسولُ الله صلّى الله عليه واَله وسلّم: أنا الشجرة وفاطمة أصلها -أو فرعها- وعليّ لقاحها، والحسن والحسين ثمرتها، وشيعتنا ورقها فالشجرة أصلها في جنّة عَدْن والأَصل والفرع واللقاح والثمر والورق في الجنّة 20.
روى ذلك عبد الرحمن بن عوف قائلاً:ألا تسألوني قبل أن تشوبَ الأحاديثَ الأباطيلُ.
فالحسنُ أشبَهَ جدَه ما بين الصدر إلى الرأس والحسين أشبهه ما كان أسفل من ذلك من لدن قدميه إلى سرّته.
وكان الإمام عليّ عليه السلام يُعلنُ عن ذلك الشَبَه ويقول: من سرّه أنْ ينظر إلى أشبه الناس برسول الله صلّى الله عليه واَله وسلّم ما بين عنقه وثغره فلينظر إلى الحسن. ومن سرّه أنْ ينظر إلى أشبه الناس برسول الله صلّى الله عليه واَله وسلّم ما بين عنقه إلى كعبه خَلقاً ولوناً فلينظر إلى الحسين بن عليّ.
وقال في حديث آخر:اقتسما شَبَهَهُ21.ليكون وجودهما ذكرى وعبرةً، واستمراراً لوجود النبيّ صلّى الله عليه واَله وسلّم في العيون مع ذكرياته في القلوب وأثره في العقول. وعبرةً للتاريخ يتمثّل فيه للقاتلين حسيناً والضاربين بالقضيب ثناياه أنهم يقتلون الرسول ويضربون ثناياه.

ولقد أثار ذلك الشَبَهُ خادِمَ الرسول: أنسَ بن مالك لَمّا رأى قضيبَ ابن زياد حين أُتي برأس الحسين يَعْلو ثنايا أبي عبد الله الحسين، فجعلَ ينكتُ فيها بقضيب في يده فقال أنس: أما إنّه كانَ أشبههما بالنبيّ صلّى الله عليه واَله وسلّم.

الخُلُقُ العظيمُ
حِجرُ الزهراء فاطمة بنت الرسول ذي الخلق العظيم هو خير مهد لتربية أولادها على ذلك الخلق وأكرم به.ولكن لمّا رأت الزهراء والدها الرسول محتضراً وعلمتْ من نبئهِ بسرعة لحوقها به هبّتْ لتستمدّ من الرسول لأولادها الصغار المزيدَ، واجتهدتْ أن تطلبَ من أبيها علانية حتّى يتناقلَ حديثَها الرواةُ- أنْ يُورث ابنيها.
فقالوا: أتَتْ فاطمةُ بنتُ النبيّ صلّى الله عليه واَله وسلّم بابنيها إلى رسول الله صلّى الله عليه واَله وسلّم في شكواه التي توفّي فيها فقالت: يا رسول الله هذانِ ابناكَ تورّثهما شيئاً? و قالت:ابناك وابناي انحلهما.

قال صلّى الله عليه واَله وسلّم:نعم.
أمّا الحسن:فقد نحلتُه هَيْبتي وسُؤددي.وأمّا الحسين:فقد نحلتُه نَجدتي وجُودي.
قالتْ:رضيتُ يا رسول الله22.
لقد ذكّرت الزهراءُ فاطمة أباها الرسولَ بالإرث منه.فوافقها بقوله:نعَم.
ولم يقل لها:إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث!
فإنّ الزهراءَ الوارثة أوْلى بأنْ يُذكر لها عدمُ الإرث من النبيّ لو كان؟ ومع أنّ ابنيها الحسنين لا يرثان من حيث الطبقة من جدّهما مع وجود أمّهما بنت النبيّ -فالنبي كذلك لم يعارض ابنته في طلبها بل قال لها:نعم.لكن الذي يخلُد من إرث النبيّ هو الخلُق العظيم دون حُطام الدنيا الزائل وهو أشرف لهما ولذلك رضيت الزهراءُ لابنيها من الرسول إذ نحلهما أيضاً أهمّ الصفات الضروريّة للقيادة الإلهيّة: الحلم، والصبر على الشدائد والهيبة والسؤدد والجلالة للحسن الممتَحَن في عصره بأنواع البلاء فأعطاه ما يحتاجه الأئمّة الصابرون.

والشجاعة والجرأة والنجدة والجود للحسين الثائر في سبيل الله لإعلاء كلمته فأعطاه ما هو أمسّ للأئمة المجاهدين.

الطهارة الإلهيّة
وإذا تقرّرَ في اللوح أن يكونَ الإمامُ الحُسَين عليه السلام من الأئمّة الّذين تجب طاعتهم فإنّ الوحيَ الذي عاش الحسينُ في ظلّه حيث كان بيتُ الرسالة مهبطَهُ تنزلُ آياتُه على جدّه وهو يحبُو في أفنانه حتّى شبّ في ظلاله لا بُدّ وأن يؤكّد ما تقرّر في اللوح.
وكذلك كان فهذه أُمّ المؤمنين أُمّ سلمة تقول: نزلت هذه الآية في بيتي:﴿إِنّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهرّكُمْ تَطْهِيراً وفي البيت سبعةٌ: جبريل، وميكائيل ورسول الله صلّى الله عليه واَله وسلّم، وعليّ، وفاطمة، والحسن والحسين.
قالت:وأنا على باب البيت فقلتُ:يا رسول الله ألستُ من أهل البيت؟ قال إنّك على خيرٍ إنّك من أزواج النبيّ صلّى الله عليه واَله وسلّم, وما قال: إنّك من أهل البيت23.
وفي حديث آخر:إنّ رسول الله صلّى الله عليه واَله وسلّم كان عند أُمّ سلمة فجعَل الحسنَ من شقّ والحسين من شقّ وفاطمة في حجره فقال: رحمةُ اللهِ وبركاتُه عليكم أهلَ البيتِ إِنَه حَمِيد مَجِيد.
وكان موعدُ المباهلة عندما أمر الله رسولَه بقوله:فَقُلْ تَعَالَواْ نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الكَاذِبِينَ.
فإنّ الإمام عليّاً عليه السلام قال: خرج رسول الله صلّى الله عليه واَله وسلّم حين خرج لمباهلة النصارى بي وبفاطمة والحسن والحسين24.
ثم قال النبي:هؤلاء أبناؤنا يعني الحسن والحسين، وأنفسنا يعني: عليّاً، ونساؤنا يعني فاطمة.
وإذا وقفوا مع النبيّ في هذا الموقف الخاصّ العظيم فلا بُدّ أن يتّسمَ الواقفون معه بما يتّسم به النبيّ من الطهارة والقُدس والعظمة.

القوة الغيبية
وُلِدَ الحسينُ ونَما وعاشَ طفولته في مهبط الملائكة حيث تترى صعوداً ونزولاً على جدّه رسول الله صلّى الله عليه واَله وسلّم ترفده بالوحي وأنباء السماء ومغيّبات الأرض.
وإذا حطّتْ طيور الوحي أو طارتْ فإنّ زَغَبَ أجنحتها لا بُدّ أنْ يتناثر في أروقة هذا المكان وإنّ أهل البيت لابُدّ أنْ يحتفظوا بهذا الزغب ليجدّدوا به ذكريات الرسول والنبوّة.
والرسول نفسه قد خَصَ الحسن والحسين بتعويذين جمعَ فيهما من زغب جناح جبريل أمين الوحي يحملانه معهما ليكونا أظهر دليل على ارتباطهما بالسماء. عن عبد الله بن عمر: كان على الحسن والحسين تعويذان فيهما من زغب جناح جبرئيل25.

وإذا كان في التعويذ دعمٌ معنويّ فإنّ لجبريل موقفاً آخر مع الحسين خاصّة إذ كان يدعمُه مادّياً ويبثّ فيه القوّة والشجاعة ففي الحديث: أنّ الحسنَ والحسينَ كانا يصطرعان فاطّلع عليّ على النبيّ صلّى الله عليه واَله وسلّم وهو يقول:ويهاً الحسنَ.فقال عليّ:يا رسول الله على الحسين؟
فقال:إنّ جبرائيل يقول:ويهاً الحسين26.

إنّه من أجمل المناظر أن يلعب الصغار ببراءة الطفولة ولكن الأجمل من ذلك أن يكون بمشهد النبيّ الأعظم من جانب و جبرائيل مَلَك السماء من جانب آخر.
وإذا كان جبرائيل ينفثُ في الحسين روح القوّة والشدّة والتشجيع فإنّ ذلك بلا ريبٍ بأمر من السماء إذ أنّ الملائكة الكرام يَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ .
ولجبرائيل شأن آخر مع الحسين أعظم عندما كان المنبىء عن قتله وشهادته والمُراسِل الأوّل بأنباء السماء عن كربلاء بل أتى النبيَ من أرضها بتربة حمراء إلى آخر الحديث.
وكان أمير المؤمنين عليه السلام يعرف ما تميّز به الحسين عليه السلام من القوّة الغيبيّة التي نفثها فيه جبرائيل، فكان يشبّهه بنفسه في الشجاعة و الإقدام ويقول:وأشبه أهلي بي:الحُسينُ27.

وكان إذا تحدّث عن الحرب يقول: وأمّا أنا وحُسين فنحن منكم وأنتم منّا28. وهو البطل المقدام الذي لا تنكر ضرباته ولا تفلّ عزماته.
والإمام الحسنُ عليه السلام يُعلن عن شدّة الحسين وصلابته حين قال له: أي أخ، والله، لوددتُ أنّ لي بعض شدّة قلبك29.

شؤون خاصة
1-بين الحسن والحسين
جاء في النصوص عن أهل البيت عليهم السلام أنّه:كان بين الحسن والحسين: طهر، وحمل30.
وأقلّ الطهر عشرة أيّام وكان الحمل ستّة أشهر وهو أقلّ ما يُمكن منه وقد صرّح أهلُ البيت بأنّه لم يولد لها إلاّ الحسين وعيسى31.
فالذي كان بين ولادتي الحسن والحسين من التفاوت هو ستّة أشهر وعشرة أيام، وهو ما جاء التصريحُ به في المأثور من تاريخ أهل البيت عليهم السلام.

2-عند الولادة
جاء في الحديث عن بشر بن غالب قال كنتُ مع أبي هريرة فرأى الحسين بن عليّ فقال: يا أبا عبد الله لقد رأيتُك على يدي رسول الله صلّى الله عليه واَله وسلّم قد خضبتهما دماً حين أُتي بك حين وُلِدتَ فسرّرك ولفّك في خرقة ولقد تفل في فيك وتكلّم بكلام ما أدري ما هو? ولقد فعلَ رسول الله صلّى الله عليه واَله وسلّم كلّ ذلك خصّيصاً بالحسين عليه السلام وهو أمر لا يخفى على الحسين أنّ جده فعله فلا بُدّ أنّ أخصّ أهله به قد أخبره ولكن ماذا في إخبار أبي هريرة به من فائدة؟
هل يريد أن يُثبت اتّصاله بالنبيّ وحضوره معه منذ السنة الرابعة من الهجرة؟

أو يريد أن يزعم أنّه كان من خاصّة النبيّ فكان قريباً منه إلى هذا الحدّ ? لكن، ما هو الجواب عن الأخبار الكثيرة المصرّحة بتأخّر إسلام أبي هريرة ولحوقه بالنبيّ صلّى الله عليه واَله وسلّم بعد مولد الحسين عليه السلام وبالضبط في السنة السابعة من الهجرة المباركة?

3-الرضاع
لا بُدّ أنّ الحسين ارتضع بلبان المعرفة والحكمة من الزهراء أُمّه وقد ورد في الحديث أنّ الرسول نفسه زقّه بلسانه وبإبهامه يمصّ منهما ما يُنبت اللحم.
لكن جاء في الحديث أنّ زوجة العبّاس عمّ النبيّ كانت مرضعةً له وهي أُمُّ الفضل بنت الحارث:إنّها رأتْ في ما يرى النائمُ أنّ عضواً من أعضاء النبيّ صلّى الله عليه واَله وسلّم في بيتها.قالت:فقصصتها على النبيّ صلّى الله عليه واَله وسلّم فقال:خيراً رأيتِ تلدُ فاطمة غلاماً فترضعيه بلبن قُثَم.فولدتْ فاطمةُ غلاماً فسمّاه النبيّ صلّى الله عليه واَله وسلّم حُسيناً ودفعه إلى أُمّ الفضل وكانت ترضعه بلبن قُثَم32.فقُثَم بن العبّاس كان رضيعَ الحسين عليه السلام.
وله رضيع آخر جاء اسمه في مقتل الحسين عليه السلام وهو عبد الله بن يَقْطُر كان رسوله عليه السلام إلى الكوفة قتله عُبيد الله بن زياد قبل وقعة كربلاء33.

4-الغنّة الحُسينيّة
جاء في الحديث:عن سفيان عن شهاب بن حراش عن رجل من قومه قال: كنت في الجيش الذي بعثهم عبيد الله ابن زياد إلى حسين بن عليّ وكانوا أربعة آلاف يريدون الديلم فصرفهم عبيد الله بن زياد إلى حُسين بن عليّ فلقيتُ حُسيناً فرأيته أسود الرأس واللحية فقلتُ له: السلام عليك يا أبا عبد الله، فقال:وعليك السلام وكانت فيه غُنّة-فقال:لقد باتت منكم فينا سلة منذ الليلة يعني:سُرِقَ.قال شهاب:فحدّثتُ به زيد بن عليّ فأعجبه:"وكانت فيه غُنّة".قال سفيان:وهي في الحُسينيّينَ.

5-كان يصبغ بالوسمة
جاء في الحديث:عن عمر بن عطاء قال:رأيتُ الحُسين بن عليّ يصبغ بالوسمة أمّا هو فكان ابن ستّين وكان رأسه ولحيته شديدَي السواد.

6-تواضع وكرم
جاء في الحديث:عن أبي بكر ابن حزم:مرّ الحسين بمساكين يأكلون في الصُفّة فقالوا:الغداءَ.فنزل وقال:إنّ اللهّ لا يحبُّ المتكبّرين فتغدّى ثم قال لهم:قد أجبتُكم فأجيبوني.قالوا:نعم.فمضى بهم إلى منزله فقال للرباب:أخرجي ما كنتِ تدّخرينَ34.


 


1-مختصر تاريخ دمشق لابن منظور7/ 116.
2-تاريخ دمشق ترجمة الإمام الحسن عليه السلام 17/ 22.
3-اُنظر الحديث بطرق ابن عساكر في تاريخ دمشق ترجمة الإمام عليّ عليه السلام الأحاديث المرقمة 336-456 المجلّد الأول ص306-394 وما علّق عليه محقّقه.
4-لاحظ تاريخ دمشق ترجمة الإمام الحسين عليه السلام ص22 ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 7/117.
5-لاحظ تاريخ دمشق ترجمة الإمام الحسين عليه السلام ص5 ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 7 /115.
6-تاريخ أهل البيت عليهم السلام فصل الألقاب ص130.
7-تاريخ دمشق ترجمة الإمام الحسين عليه السلام ص5 ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 7 /115.
8-تاريخ دمشق ترجمة الإمام الحسين عليه السلام ص23.
9-مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 7/ 5-126.
10-تاريخ دمشق ترجمة الإمام الحسن عليه السلام ص10 الأحاديث 8 -12 وانظر ترجمة الإمام الحسين عليه السلام ص295 رقم395 وص282 رقم364.
11-اُنظر تاريخ أهل البيت عليهم السلام ص76.
12-تاريخ دمشق ترجمة الإمام الحسين عليه السلام ص282.
13-تاريخ دمشق ترجمة الإمام الحسين عليه السلام ص288 ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 7/116 و156.
14-قال ابن عساكر: وستّ وخمسون في سنّهِ أثبت. وقد رواه عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام رقم356.
ومن المعلوم أنّ ذلك بإهمال الأشهر والأيّام الباقية كما أنّ من قال بأنّ عمره سبع وخمسون، استثنى الشهرين والعشرين يوماً.
15-انظر:تاريخ أهل البيت عليهم السلام ص76.
16-تاريخ دمشق ترجمة الإمام الحسين عليه السلام ص199 - 200 ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 7/138.
17-تاريخ دمشق ترجمة الإمام الحسين عليه السلام ص205.
18-أنساب الأشراف للبلاذري 3/176.
19-تاريخ دمشق ترجمة الإمام الحسين عليه السلام ص207.
20-مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 3/7 - 124.
21-مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 3/7 - 124.
22-مختصر تاريخ دمشق لابن منظور: 7/ 118.
23-مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 7/ 120.
24-مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 7/ 123.
25-مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 7/ 125.
26-مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 122/7.
27و 28 و 29-مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 7 /128.
30-مختصر تاريخ دمشق لابن منظور7/ 116.
31-تاريخ أهل البيت عليهم السلام ص74.
32-لاحظ تاريخ دمشق، الحديث[232] و [231] ومختصر تاريخ دمشق، لابن منظور 7/116.
33-لاحظ تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام ص152 رقم 25.
34-مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 7/ 129.