السابقون
الموالي
الموالي
الموالي1
طبقة اجتماعيّة مختلفة الأحوال، وابتداءً كان هذا
الاسم يطلق على من دخل في الإسلام ومع مجيئهم إلى
المناطق العربيّة التحقوا بالعرب.
ومن ثمّ وبعد فتوحات صدر الإسلام وما بعدها وأسر
أعداد كبيرة في المعارك أصبح مفهوم المولى مختصّاً
بغير العربيّ. وقد تحرّر هؤلاء الأسرى فيما بعد
بالتدريج وعبر العديد من الطرق نالوا حريّتهم
وأصبح يطلق عليهم الموالي العتاق (المحرّرون).
ونتيجة ذلك تشكّلت قبائل العرب من العرب والموالي
(غير العرب).
وكان العرب وخلافاً لتعاليم رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم يحقّرون الموالي فجعلوهم في أدنى
الطبقات الاجتماعيّة ولذا كانت أوضاعهم
الاقتصاديّة سيّئة جدّاً وحرموا من العديد من
الامتيازات الاجتماعيّة، وقد بدأ تفضيل العرب على
الموالي منذ عهد الخليفة الثاني وأثناء خلافة
معاوية2.
وقد واجه أئمّتنا المعصومون عليهم السلام هذا
التفضيل والتمييز فتعاملوا مع الموالي معاملة
رؤوفة وبكلّ احترام، ولذا فإنّنا نرى من بين
الوجوه والشخصيّات المشاركة في ملحمة كربلاء
العديد من هؤلاءالموالي الأطهار والأوفياء.
أسلم بن عمرو
كان أسلم من موالي الحسين عليه السلام وكان أبوه
تركيّاً وجاء أسْلَم مع الإمام عليه السلام إلى
كربلاء، وفي يوم عاشوراء خرج إلى القتال وهو يرتجز
ويقول: أَمِيرِي
حُسَيْنٌ وَنِعْمَ الأَمِيرْ سُرورُ فُؤَادِ
البَشِيرِ النَّذِيرْ
فقاتل قتالاً شديداً، ومن شدّة الجراحات الكثيرة
التي أصابته وقع على الأرض، فلمّا صرع مشى إليه
الإمام الحسين عليه السلام فوقف فوق رأسه فرآه وبه
رمق يومي إلى الحسين عليه السلام فاعتنقه الحسين
ووضع خدّه على خدّه فتبسّم وقال: "من مثلي وابن
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واضع خدّه على
خدّي"، ثمّ فاضت نفسه (رضوان الله عليه)3.
جون
بن حويّ
كان جون4
غلاماً أسود وهو مولى أبي ذرّ (رضي الله عنه) ومن
بعد وفاته انتقل إلى خدمة أهل البيت عليهم السلام،
وفي عهد الإمام الحسين عليه السلام جاء معه إلى
كربلاء. ولمّا اشتدّ القتال في عصر عاشوراء تقدّم
جون نحو الإمام الحسين عليه السلام يستأذنه في
القتال فقال له الإمام عليه السلام: "يا جون
أنت في إذنٍ منّي فإنّما تبعتنا طلباً للعافية فلا
تبتل بطريقتنا".
فوقع جون على قدمي أبي عبد الله عليه السلام
يقبّلهما ويقول:
"يا ابن رسول الله، أنا في الرخاء ألحس قصاعكم وفي
الشدّة أخذلكم، إنّ ريحي لنتن، وإنّ حسبي للئيم،
وإنّ لوني أسود، فتنفّس عليّ في الجنّة ليطيب ريحي
ويشرف حسبي ويبيضّ لوني، لا والله لا أفارقكم حتّى
يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم".
فأذن له الإمام الحسين عليه السلام فبرز إلى قتال
القوم وهو يرتجز أبياتاً من الشعر ثمّ قاتل حتّى
استشهد5.
فمشى نحوه سيّد الشهداء عليه السلام ووقف عند
مصرعه ودعا له قائلاً: "أللهم بيّض وجهه وطيّب
ريحه واحشره مع الأبرار وعرّف بينه وبين محمّد وآل
محمّد صلى الله عليه وآله وسلم "6.
وروي عن الإمام زين العابدين عليه السلام أنّه
قال: "لمّا قدم بنو أسد لدفن أجساد الشهداء في
كربلاء وجدوا جوناً بعد عشرة أيّام يفوح منه رائحة
المسك"7.
جابر بن الحجّاج
كان فارساً شجاعاً، وهو مولى عامر بن نهشل التيميّ
حضر مع الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء وقاتل
بين يديه واستشهد في الحملة الأولى8.
الحرث بن نبهان
رافع بن عبد الله
وهو مولى مسلم بن كثير الأزديّ، حضر معه من الكوفة
إلى كربلاء والتحقا بالإمام عليه السلام. وفي يوم
عاشوراء وبعد استشهاد مسلم الأزديّ برز رافع بعد
صلاة الظهر نحو الأعداء وقتل من القوم جماعة كثيرة
ثمّ استشهد (رضوان الله عليه)9.
سالم
مولى عامر بن مسلم العبديّ حضر معه من البصرة إلى
كربلاء حيث التحقا بالإمام الحسين عليه السلام وفي
يوم عاشوراء برز سالم وعمرو نحو الأعداء واستشهدا10،
وقال بعضهم بأنّهما استشهدا في الحملة الأولى11.
سالم بن عمرو
كان سالم مولى لبني المدينة (وهم بطن من بني كلب)،
ومن شيعة الكوفة خرج إلى الحسين عليه السلام قبل
المعركة فانضمّ إلى أصحابه وبقي معه حتّى استشهد
في يوم عاشوراء، وقيل: إنّه من شهداء الحملة
الأولى12،
وقد ورد السلام عليه في زيارة الناحية13.
سعد
وهو غلام عمرو بن خالد، برز يوم عاشوراء مع سيّده
عمرو واثنين آخرين نحو الأعداء فقاتلوا قتالاً
شديداً، ومال عليهم القوم فقطعوهم عن أصحابهم،
فحمل عليهم أبو الفضل العبّاس فاستنقذهم، فجاؤوا
وقد جرحوا جراحات بليغة، ولمّا دنا منهم عدوّهم
شدّ سعد وأصحابه على العدوّ مجدّداً فقاتلوا حتّى
استشهدوا جميعاً في مكان واحد14.
سعد
بن الحرث
من موالي أمير المؤمنين عليه السلام ومن بعده
انتقل إلى خدمة الإمام الحسن عليه السلام ومن ثمّ
إلى الإمام الحسين عليه السلام، ورافق الإمام منذ
انطلاقته وورد معه إلى كربلاء، واستشهد في الحملة
الأولى في يوم عاشوراء15.
سليمان بن رزين
شبيب
كان بطلاً شجاعاً وهو غلام الحرث بن سريع
الهمدانيّ، جاء شبيب16
مع سيف ومالك ابني سريع إلى الإمام عليه السلام
وقتل في الحملة الأولى التي قتل فيها جملة من
أصحاب الحسين عليه السلام وذلك قبل الظهر في اليوم
العاشر17.
شوذب بن عبد الله
كان غلاماً لبني شاكر وهو من رجال الشيعة ووجوهها،
وكان حافظاً للحديث، تعلّم في مدرسة أمير المؤمنين
عليه السلام، وكان الناس يختلفون إليه لأخذ الحديث
عنه18، وصحب
عابساً بن أبي شبيب الشاكريّ إلى كربلاء واستخبره
عابس عمّا في نفسه فأكّد له قائلاً: بأنّه سيقاتل
إلى جانبه فداء لابن بنت رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم حتّى يقتل، فشجّعه عابس على ذلك، وقال
له: ذلك الظنّ بك، فتقدّم شوذب من الإمام الحسين
عليه السلام وسلّم عليه ثمّ مضى فقاتل حتّى قتل
(رضوان الله عليه)19.
قارب بن عبد الله الدؤليّّ
كانت أمّه جارية للإمام الحسين عليه السلام،
تزوّجها عبد الله الدؤليّ فولدت منه قارباً هذا،
فهو مولى للحسين عليه السلام، خرج معه من المدينة
إلى مكّة ثمّ إلى كربلاء واستشهد في الحملة الأولى
قبل ظهرعاشوراء بساعة20.
منجح بن سهم
كان منجح من موالي الإمام الحسن المجتبى عليه
السلام، خرج من المدينة مع أولاد الإمام في صحبة
الإمام الحسين عليه السلام إلى كربلاء.
وفي يوم عاشوراء قاتل منجح قتال الأبطال، ثمّ نال
فيض الشهادة21،
وذكر أنّ قاتله هو حسّان بن بكر الحنظليّ22.
نصر
بن أبي نيزر
كان أبو نيزر من ولد بعض ملوك العجم، وقال بعضهم
بأنّه من ولد النجاشيّ، رغب في الإسلام صغيراً
فأتي به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
فأسلم وربّاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم،
فلمّا توفّي النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله
وسلم أصبح في خدمة أهل البيت عليهم السلام23.
أمضى سنوات عديدة مع أمير المؤمنين عليه السلام
وكان يعمل له في نخله.
وكان ولده نصر أيضاً في خدمة أمير المؤمنين عليه
السلام ثمّ من بعده في خدمة الإمام الحسن عليه
السلام ثمّ الإمام الحسين عليه السلام، ورافق سيّد
الشهداء عليه السلام في المجيء إلى كربلاء، وكان
فارساً في أصحاب الإمام عليه السلام، شارك في
الحملة الأولى فعقر فرسه ثمّ استشهد (رضوان الله
عليه)24.
واضح التركيّ
كان واضح غلاماً تركيّاً25،
قالوا في وصفه: بأنّه كان إنساناً شجاعاً قارئاً
للقرآن وهو مولى الحرث السلمانيّ.
برز إلى الميدان في يوم عاشوراء وهو يرتجز أبياتاً
من الشعر فجعل يقاتلهم راجلاً وعندما وقع على
الأرض استغاث بالإمام الحسين عليه السلام فأسرع
سيّد الشهداء نحوه واعتنقه وهو يجود بنفسه فقال
واضح: من مثلي وابن رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم واضع خدّه على خدّي، ثمّ فاضت نفسه على تلك
الحال واستشهد26
(رضوان الله عليه).
*
معجم كربلاء. نشر جمعية المعارف الاسلامية
الثقافية. الطبعة الأولى. ص: 57 -145.
1-
الموالي، جمع مولى وكلمة مولى في اللغة العربيّة
من الأضداد فتطلق على الخادم والمعتق والمحرّر
والحليف؛ إلّا أنّ للموالي اصطلاح خاصّ في المجتمع
العربيّ.
2- جمال جوده، الأوضاع الاجتماعيّة والاقتصاديّة
للموالي في صدر الإسلام؛ محمود المقداد؛ الموالي
ونظام الولاء.
3- إبصار العين، ص96.
4- جوين؛ راجع: الإرشاد، ج2، ص93.
5- اللهوف، ص109، إبصار العين، ص176 و177.
6- تسلية المجالس، ج2، ص292.
7- بحار الأنوار، ج45، ص23.
8- إبصار العين، ص193.
9- إبصار العين، ص185؛ تنقيح المقال، ج3، ص422.
10- نفس المصدر، ص191.
11- مناقب آل أبي طالب، ج4، ص113؛ الحدائق
الورديّة، ص121.
12- إبصار العين، ص182.
13- بحار الأنوار، ج45، ص72.
14- تاريخ الأمم والملوك، ج3، ص330.
15- إبصار العين، ص96؛ ذكره البعض باسم سعد بن
الحارث (مستدركات علم رجال الحديث، ج4، ص27).
16- ذكر الزنجانيّ أنّه شبيب بن عبد الله (وسيلة
الدارين، ص155).
17- إبصار العين، ص133.
18- الحدائق الورديّة، ص122؛ إبصار العين، ص129.
19- وقعة الطفّ، ص236؛ الإرشاد، ج2، ص105.
20- إبصار العين، ص96.
21- إبصار العين، ص96.
22- الحدائق الورديّة، ص121.
23- الكامل، ج3، ص207.
24- إبصار العين، ص97 و98.
25- ذكر الخوارزميّ في أسماء الشهداء «الغلام
التركيّ» والظاهر أنّ المراد منه هو واضح التركيّ
(راجع، الخوارزميّ، مقتل الحسين، ج2، ص28).
26- الحدائق الورديّة، ص122؛ إبصار العين، ص144
و145؛ إنّ مشهد مجيء الإمام الحسين عليه السلام
إلى مصرع واضح يشبه مشهد مجيئه إلى مصرع أسلم بن
عمرو؛ ولذا فإنّ السماويّ في آخر
كتابه عندما يذكر مشاهد مجيء سيّد الشهداء إلى
مصارع الشهداء تردّد بين «أسلم أو واضح» (إبصار
العين، ص226).
|