ملامح من المجتمع الجاهلي
لقد
رسم أمير المؤمنين عليه السلام في الخطبة الثانية
من نهج البلاغة صورة فنية رائعة عمّا كان سائداً
في العصر الجاهلي من ظلم وتمييز، جاء فيها " في
فتن داستهم بأخفافها ووطأتهم بأظلافها"، كان
المجتمع آنذاك مجرداً من معاني المحبّة، كانوا
يئدون بناتهم، وكانت كل قبيلة تثأر لقبيلتها من أي
رجل تجده من قبيلة القاتل، سواء كان مستحقاً للقتل
أم غير مستحق، وسواء كان مجرماً أم بريئاً، وسواء
كان عالماً بتلك القضية أم لام..كان يسودهم
الاضطهاد والقسوة والغلظة والفظاظة.
من نشأ في تلك الحالة يمكن أن يصلُح ويُهذَّب على
مدى عشر سنوات ـ إن تحققت شروط ذلك ـ ويمكن إدخاله
في الإسلام، ولكن لا يمكن غرس هذه القيم والمفاهيم
في أعماق نفسه إلى الحد الذي يجعل لديه القدرة على
إيجاد نفس هذا التأثير على الآخرين.
دخل الناس في الإسلام أفواجاً أفواجاً، ودخل في
الإسلام أناس لم يعايشوا الرسول ولم يدركوا تلك
السنوات العشرة مع النبي.وهنا تتجلّى أهمية مسألة
الوصيّة التي يعتقد بها الشيعة، ويكمن منشأ الوصية
والنص الإلهي، من أجل ديمومة ذلك النهج التربوي،
وإلاّ فمن الواضح أنها ليست من سنخ أنواع الوصايا
الأخرى المتداولة في هذا العالم، فكل إنسان يوصي
قبل وفاته لابنه إلا أن القضية هناك تعني لزوم
استمرارية نهج الرسول من بعده.
*الثورة الحسينية,نشر
جمعية المعارف الاسلامية الثقافية,الطبعة الاولى
نيسان,2001/1422-ص:13 |
[maqalet/includes/maqalet_title.htm]
|