المقالات
محطات من محرم الحرام
مسلم بن عقيل ثبات وشهادة
علي الأكبر(ع) تضحية ووفاء
العباس (ع) تضحية ووفاء
الطالب بدم المقتول بكربلاء
مصائب النسوة والأطفال
تاريخ النهضة الحسينية
في درب الشهادة
رجال حول الحسين
سفير الحسين
عاشوراء والإمام الخميني
مواقف خالدة
رحلة السبي
خصائص ومرتكزات
شهادة الإمام السجاد
محطات قدسية
مجالس ومأتم
معرض الصور
لوحات عاشورائية
مراقد وأماكن مقدسة
مخطوطات
المكتبة
المكتبة الصوتية
المكتبة المرئية
 
 

غرس الرسالة

ألا بورك هذا الغرس الذي امتد على هامة الزمن وعيا وإشراقاً وهو يضئ للناس حياتهم الفكرية والاجتماعية، ويهديهم إلى سواء السبيل.

الأم
إنه الغرس الطيب من سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام التي طهرها الله بفضله، وجعلها تهدي من ضلال، وتجمع من فرقة...إنها فاطمة الزهراء التي تحمل قبسا من روح أبيها وفيضا من نوره، وأشعة من هديه، فكانت موضع عنايته واهتمامه، وقد أحاطها بهالة من الإكبار والتقدير، ففرض ولاءها على المسلمين ليكون ذلك جزءا من عقيدتهم ودينهم، وقد أذاع فضلها وعظيم مكانتها في الاسلام لتكون قدوة لنساء أمته، لقد أشاد صلّى الله عليه وآله بقيمها ومثلها في منتدياته العامة والخاصة، وعلى منبره ليحفظه المسلمون فقد قال فيما أجمع عليه رواة الإسلام:

1-"إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك..."1.
2-"إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما يؤذيها، وينصبني ما أنصبها"2.
3-"فاطمة سيدة نساء العالمين..."3.

إلى غير ذلك من الأخبار التي تحدثت عن معالم شخصية الزهراء عليها السلام وأنها قدوة الإسلام ولنساء هذه الأمة التي تضيء لهن الطريق في حسن السلوك والعفة وتربية أجيال مهذبة... فما أعظم بركتها وأكثر عائدتها على الإسلام، ويكفي في عظيم شأنها أنه سميت على اسمها الدولة الفاطمية العظيمة، كما أن الجامع الأزهر اشتق من اسمها4.بل يكفي في عظمة الدولة الفاطمية أن تبركت باسم الزهراء.

وعلى أي حال فان الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله استشف من وراء الغيب أن بضعته الطاهرة هي التي تتفرع منها الثمرة الطيبة من أئمة أهل البيت عليهم السلام خلفاء الرسول، ودعاة الحق في الأرض الذين يتحملون أعباء رسالة الإسلام، ويعانون في سبيل الإصلاح الاجتماعي كل جهد وضيق فلذا أولاها النبي اهتمامه، وجعل ذريتها موضع رعايته وعنايته.

الأب
إنه ثمرة علي عليه السلام رائد الحق والعدالة في الأرض، أخو النبي صلّى الله عليه وآله وباب مدينة علمه، ومن كان منه بمنزلة هارون من موسى، وأول من آمن بالله وصدق رسوله، والقائد الأعلى في مركز القيادة الإسلامية بعد الرسول محمد صلّى الله عليه وآله تحمل أعباء الجهاد المقدس منذ فجر الدعوة الإسلامية، فخاض الأهوال، والتحم التحاما رهيبا مع قوى الشرك والإلحاد حتى قام هذا الدين وهو عبل الذراع بجهاده وجهوده، قد حباه الله بكل مكرمة وخصه بكل فضيلة، وأنه أبو الأئمة الطاهرين الذين فجروا ينابيع الحكمة والنور في الأرض.

الوليد الأول
أفرعت دوحة النبوة وشجرة الإمامة الذرية الطاهرة التي تشكل الامتداد الرسالي بعد النبي صلّى الله عليه وآله فكان الوليد الأول أبا محمد الزكي، وقد امتلات نفس النبي صلّى الله عليه وآله سروراً به، فأخذ يتعاهده، ويغذيه بمثله ومكرمات نفسه التي طبق شذاها العالم بأسره5.
ولم تمض إلا أيام يسيرة حددها بعض المؤرخين باثنين وخمسين يوماً6 حتى علقت سيدة النساء بحمل جديد ظل يتطلع إليه الرسول صلّى الله عليه وآله وسائر المسلمين بفارغ الصبر، وكلهم رجاء وأمل في أن يشفع الله ذلك الكوكب بكوكب آخر ليضيئا في سماء الأمة الإسلامية، ويكونا امتدادا لحياة المنقذ العظيم.

رؤيا أم الفضل
ورأت السيدة أم الفضل بنت الحارث7 في منامها رؤيا غريبة لم تهتد إلى تأويلها، فهرعت إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله قائلة له:"إني رأيت حلما منكرا كأن قطعة من جسدك قطعت، ووضعت في حجري؟".
فأزاح النبي صلّى الله عليه وآله مخاوفها، وبشرها بخير قائلاً:"خيراً رأيت، تلد فاطمة إن شاء الله غلاماً فيكون في حجرك..".
ومضت الأيام سريعة فوضعت سيدة النساء فاطمة ولدها الحسين فكان في حجر أم الفضل، كما أخبر النبي صلّى الله عليه وآله8.
وظل الرسول صلّى الله عليه وآله يترقب بزوغ نجم الوليد الجديد الذي تزدهر به حياة بضعته التي هي أعز الباقين والباقيات عنده من أبنائه وبناته.

الوليد المبارك
ووضعت سيدة نساء العالمين وليدها العظيم الذي لم تضع مثله سيدة من بنات حواء لا في عصر النبوة، ولا فيما بعده، أعظم بركة ولا أكثر عائدة على الإنسانية منه، فلم يكن أطيب، ولا أزكى ولا أنور منه.
لقد أشرقت الدنيا به، وسعدت به الإنسانية في جميع أجيالها، واعتز به المسلمون، وعمدوا إلى إحياء هذه الذكرى، افتخاراً بها في كل عام، فتقيم وزارة الأوقاف في مصر احتفالاً رسمياً داخل المسجد الحسيني اعتزازاً بهذه الذكرى العظيمة كما تقام في أكثر مناطق العالم الإسلامي.
وتردد في آفاق يثرب صدى هذا النبأ المفرح فهرعت أمهات المؤمنين وسائر السيدات من نساء المسلمين إلى دار سيدة النساء، وهن يهنئنها بمولودها الجديد، ويشاركنها في أفراحها ومسراتها.

وجوم النبي صلّى الله عليه وآله وبكاؤه
ولما بشر الرسول الأعظم بسبطه المبارك خف مسرعا إلى بيت بضعتهفاطمة عليها السلام وهو مثقل الخطى قد ساد عليه الوجوم والحزن، فنادى بصوت خافت حزين النبرات."يا أسماء هلمي ابني".
فناولته أسماء، فاحتضنه النبي، وجعل يوسعه تقبيلا، وقد انفجر بالبكاء فذهلت أسماء، وانبرت تقول:" فداك أبي وأمي مم بكاؤك ؟!".
فأجابها النبي صلّى الله عليه وآله وقد غامت عيناه بالدموع: "من ابني هذا".وملكت الحيرة إهابها فلم تدرك معنى هذه الظاهرة ومغزاها فانطلقت تقول: " إنه ولد الساعة ".فأجابها الرسول بصوت متقطع النبرات حزنا وأسى قائلاً:" تقتله الفئة الباغية من بعدي لا أنالهم الله شفاعتي... ".
ثم نهض وهو مثقل بالهم وأسر إلى أسماء قائلا:" لا تخبري فاطمة فإنها حديثة عهد بولادة... "9.
وانصرف النبي صلّى الله عليه وآله وهو غارق بالأسى والشجون، فقد استشف من وراء الغيب ما سيجري على ولده من النكبات والخطوب التي تذهل كل كائن حي.

سنة ولادته
واستقبل سبط النبي صلّى الله عليه وآله دنيا الوجود في السنة الرابعة من الهجرة10 وقيل في السنة الثالثة11 واختلف الرواة في الشهر الذي ولد فيه فذهب الأكثر إلى أنه ولد في شعبان، وأنه في اليوم الخامس منه12 ولم يحدد بعضهم اليوم، وإنما قال:ولد لليالي خلون من شعبان13 وأهمل بعض المؤرخين ذلك مكتفيا بالقول أنه ولد في شعبان14 وذهب بعض الأعلام إلى أنه ولد في آخر ربيع الأول إلا أنه خلاف المشهور فلا يعني به15.

مراسيم ولادته
وأجرى النبي صلّى الله عليه وآله بنفسه أكثر المراسيم الشرعية لوليده المبارك، فقام صلّى الله عليه وآله بما يلي

أولاً-الأذان والإقامة
واحتضن النبي وليده العظيم فأذن في أذنه اليمنى، وأقام في اليسرى16 وجاء في الخبر "أن ذلك عصمة للمولود من الشيطان الرجيم "17.
إن أول صوت اخترق سمع الحسين هو صوت جده الرسول صلّى الله عليه وآله الذي هو أول من أناب إلى الله، ودعا إليه، وأنشودة ذلك الصوت:"الله أكبر لا إله إلا الله... ".

لقد غرس النبي صلّى الله عليه وآله هذه الكلمات التي تحمل جوهر الإيمان وواقع الإسلام في نفس وليده، وغذاه بها فكانت من عناصره ومقوماته، وقد هام بها في جميع مراحل حياته، فانطلق إلى ميادين الجهاد مضحيا بكل شيء في سبيل أن تعلو هذه الكلمات في الأرض، وتسود قوى الخير والسلام وتتحطم معالم الردة الجاهلية التي جهدت على إطفاء نور الله.

ثانياً-التسمية
وسماه النبي صلّى الله عليه وآله حسينا كما سمى أخاه حسناً18 ويقول المؤرخون لم تكن العرب في جاهليتها تعرف هذين الاسمين حتى تسمي أبناءهما بهما، وإنما سماها النبي صلّى الله عليه وآله بهما بوحي من السماء19.

وقد صار هذا الاسم الشريف علما لتلك الذات العظيمة التي فجرت الوعي والإيمان في الأرض، واستوعب ذكرها جميع لغات العالم، وهام الناس بحبها حتى صارت عندهم شعارا مقدسا لجميع المثل العليا، وشعاراً لكل تضحية تقوم على الحق والعدل.

أقوال شاذة
وحفلت بعض مصادر التاريخ والأخبار بصور مختلفة لتسمية الإمام الحسين عليه السلام لا تخلو من التكلف والانتحال وهي

1- ما رواه هانئ بن هانئ عن علي عليه السلام قال:لما ولد الحسن جاء رسول الله صلّى الله عليه وآله فقال:أروني ابني ما سميتموه؟ قلت: سميته حربا، قال: بل هو حسن، فلما ولد الحسين قال:أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت:سميته حربا، قال:بل هو حسين، فلما ولد الثالث جاء النبي صلى الله عليه وآله فقال: أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت:حربا، فقال بل هو محسن20.

وهذه الرواية فيما نحسب لا نصيب لها من الصحة وذلك
أ-أن سيرة أهل البيت عليه السلام قامت على الالتزام بحرفية الإسلام وعدم الشذوذ عن أي بند من أحكامه، وقد كره الإسلام تسمية الأبناء بأسماء الجاهلية التي هي رمز للتأخر والانحطاط الفكري، مضافا إلى أن هذا الاسم على لجد الأسرة الأموية التي تمثل القوى الحاقدة على الإسلام والباغية عليه، فكيف يسمي الإمام أبناءه به ؟!.
ب-إن إعراض النبي صلّى الله عليه وآله عن تسمية سبطه الأول به مما يوجب ردع الإمام عن تسمية بقية أبنائه به.
ج-إن المحسن باتفاق المؤرخين لم يولد في حياة الرسول صلّى الله عليه وآله وإنما ولد بعد حياته بقليل، وهذا مما يؤكد انتحال الرواية وعدم صحتها.

2-روى احمد بن حنبل بسنده عن الإمام علي عليه السلام قال:لما ولد لي الحسن سميته باسم عمي حمزة، ولما ولد الحسين سميته باسم أخي جعفر فدعاني رسول الله صلّى الله عليه وآله فقال:إن الله قد أمرني أن أغير اسم هذين فسماهما حسناً وحسيناً "21.وهذه الرواية كسابقتها في الضعف فان تسمية السبطين بهذين الاسمين وقعت عقيب ولادتهما حسب ما ذهب إليه المشهور ولم يذهب أحد إلى ما ذكره أحمد.

3-روى الطبراني بسنده عن الإمام علي عليه السلام أنه قال: لما ولد الحسين سميته باسم أخي جعفر فدعاني رسول الله صلّى الله عليه وآله وأمرني أن أسميه حسيناً22، وهذه الرواية تضارع الروايتين في ضعفها فان الإمام أمير المؤمنين عليه السلام لم يسبق رسول الله صلّى الله عليه وآله في تسمية سبطه وريحانته وهو الذي أسماه بذلك حسب ما ذهب إليه المشهور وأجمعت عليه روايات أهل البيت عليهم السلام.

ثالثاً-العقيقة
وبعدما انطوت سبعة أيام من ولادة السبط أمر النبي صلّى الله عليه وآله أن يعق عنه بكبش، ويوزع لحمه على الفقراء كما أمر أن تعطى القابلة فخذا منها23، وكان ذلك من جملة ما شرعه الإسلام في ميادين البر والإحسان إلى الفقراء.

رابعاً-حلق رأسه
وأمر النبي صلّى الله عليه وآله أن يحلق رأس وليده، ويتصدق بزنته فضة على الفقراء24 فكان وزنه -كما في الحديث- درهما ونصفاً25 وطلى رأسه بالخلوق26 ونهى عما كان يفعله أهل الجاهلية من اطلاء رأس الوليد بالدم27.

خامساً-الختان
وأوعز النبي صلّى الله عليه وآله إلى أهل بيته بإجراء الختان على وليده في اليوم السابع من ولادته، وقد حث النبي صلّى الله عليه وآله على ختان الطفل في هذا الوقت المبكر لأنه أطيب له وأطهر28.

رعاية النبي صلّى الله عليه وآله له

وتولى النبي صلّى الله عليه وآله بنفسه رعاية الحسين، واهتم به اهتماماً بالغاً فمزج روحه بروحه، ومزج عواطفه بعواطفه، وكان -فيما يقول المؤرخون-:
يضع إبهامه في فيه، وأنه أخذه بعد ولادته فجعل لسانه في فمه ليغذيه بريق النبوة وهو يقول له:"إيها حسين، إيها حسين، أبى الله إلا ما يريد هو -يعني الإمامة- فيك وفي ولدك..."29.

وفي ذلك يقول السيد الطباطبائي

 
ذادوا عن الماء ضمآنا مراضعه

يعطيه إبهامه آنا وآونة

غرس سقاه رسول الله من يده

من جده المصطفى الساقي أصابعه

 لسانه فاستوت منه طبائعه

وطاب من بعد طيب الأصل فارعه


لقد سكب الرسول صلّى الله عليه وآله في نفس وليده مثله ومكرماته ليكون صورة عنه، وامتدادا لحياته، ومثلا له في نشر أهدافه وحماية مبادئه.

تعويذ النبي صلّى الله عليه وآله للحسنين

وبلغ من رعاية النبي صلّى الله عليه وآله لسبطيه، وحرصه على وقايتهما من كل سوء وشر أنه كان كثيراً ما كان يعوذهما فقد روى ابن عباس قال:"كان النبي صلّى الله عليه وآله يعوذ الحسن والحسين عليهما السلام قائلاً:"أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة"، ويقول:"هكذا كان إبراهيم يعوذ ابنيه إسماعيل وإسحاق"30 ويقول عبد الرحمان بن عوف:قال لي رسول الله صلّى الله عليه وآله:"يا عبد الرحمان: ألا أعلمك عوذة كان إبراهيم يعوذ بها ابنيه إسماعيل وإسحاق، وأنا أعوذ بها ابني: الحسن والحسين.. كفى بالله واعياً لمن دعا، ولا مرمى وراء أمر الله لمن رمى... "31.ودل ذلك على مدى الحنان، والعطف الذي يكنه صلّى الله عليه وآله لهما، وأنه كان يخشى عليهما من أن تصيبهما عيون الحساد فيقيهما منها بهذا الدعاء.

ملامحه
وبدت في ملاح الإمام الحسين عليه السلام ملامح جده الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله فكان يحاكيه في أوصافه، كما كان يحاكيه في أخلاقه التي امتاز بها على سائر النبيين، ووصفه محمد بن الضحاك فقال:" كان جسد الحسين يشبه جسد رسول الله صلّى الله عليه وآله"32، وقيل: إنه كان يشبه النبي صلّى الله عليه وآله ما بين سرته إلى قدميه33 وقال الإمام علي عليه السلام:" من سره أن ينظر إلى أشبه الناس برسول الله صلّى الله عليه وآله ما بين عنقه وثغره فلينظر إلى الحسن، ومن سره أن ينظر إلى أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وآله ما بين عنقه إلى كعبه خلقاً ولوناً فلينظر إلى الحسين ابن علي... "34.

لقد بدت على وجهه الشريف أسارير الإمامة فكان من أشرق الناس وجهاً، فكان كما يقول أبو كبير الهذلي
 
وإذا نظرت إلى أسرة وجهه برقت كبرق العارض المتهلل


ووصفه بعض المترجمين له بقوله:" كان أبيض اللون، فإذا جلس في موضع فيه ظلمة يهتدى إليه لبياض حسنه ونحره "35 ويقول آخر: " كان له جمال عظيم، ونور يتلألأ في جبينه وخده، يضئ حواليه في الليلة الظلماء وكان أشبه الناس برسول الله صلّى الله عليه وآله "36، ووصفه بعض الشهداء من أصحابه في رجز كان نشيدا له في يوم الطف يقول:
 
له طلعة مثل شمس الضحى له غرة مثل بدر منير


هيبته
وكانت عليه سيماء الأنبياء، فكان في هيبته يحكي هيبة جده التي تعنو لها الجباه، ووصف عظيم هيبته بعض الجلادين من شرطة ابن زياد بقوله:" لقد شغلنا نور وجهه، وجمال هيبته عن الفكرة في قتله ".
ولم تحجب نور وجهه يوم الطف ضربات السيوف، ولا طعنات الرماح، فكان كالبدر في بهائه ونضارته وفي ذلك يقول الكعبي:
 
ومجرح ما غيرت منه القنا حسنا

قد كان بدرا فاغتدى شمس الضحى

ولا أخلقن منه جديدا

مذ ألبسته يد الدماء برودا


ولما جيء برأسه الشريف إلى الطاغية ابن زياد بهر بنور وجهه فانطلق يقول:"ما رأيت مثل هذا حسنا".
فانبرى إلى أنس بن مالك منكراً عليه قائلاً:" أما أنه كان أشبههم برسول الله ؟ "37.
وحينما عرض الرأس الشريف على يزيد بن معاوية ذهل من جمال هيبته ىوطفق يقول:" ما رأيت وجها قط أحسن منه!".
فقال له بعض من حضر:" إنه كان يشبه رسول الله صلّى الله عليه وآله "38.
لقد أجمع الرواة أنه كان يحاكي جده الرسول صلّى الله عليه وآله في أوصافه وملامحه وأنه كان يضارعه في مثله وصفاته، ولما تشرف عبد الله بن الحر الجعفي بمقابلته امتلأت نفسه إكباراً وإجلالا له وراح يقول:" ما رأيت أحداً قط أحسن ولا أملأ للعين من الحسين..".
لقد بدت على ملامحه سيماء الأنبياء وبهاء المتقين، فكان يملأ عيون الناظرين إليه، وتنحني الجباه خضوعاً وإكباراً له.

ألقابه
أما ألقابه فتدل على سمو ذاته، وما يتمتع به من الصفات الرفيعة وهي

1- الشهيد.
2- الطيب.
3- سيد شباب أهل الجنة.
4-السبط39 لقوله صلّى الله عليه وآله:"حسين سبط من الأسباط"40.
5- الرشيد.
6- الوفي.
7- المبارك.
8- التابع لمرضاة الله 41.
9- الدليل على ذات الله.
10- المطهر.
11- البر.
12- أحد الكاظمين42.

كنيته
كان يكنى بأبي عبد الله43 وذكر غير واحد من المؤرخين أنه لا كنية له غيرها44، وقيل: إنه يكنى بأبي علي45 وكناه الناس من بعد شهادته بأبي الشهداء وأبي الأحرار.

نقش خاتمه
كان له خاتمان أحدهما من عقيق، وقد نقش عليه "إن الله بالغ أمره "46 الثاني وهو الذي سلب منه يوم قتل، وقد كتب عليه " لا إله إلا الله عدد لقاء الله"، وقد ورد "أن من يتختم بمثله كان له حرز من الشيطان"47.

استعماله الطيب
وكان الطيب محببا إليه فكان المسك لا يفارقه في حله وترحاله، كما كان بخور العود في مجلسه48.دار سكناه أول دار سكنها مع أبويه كانت الدار المجاورة لبيت عائشة ولها باب من المسجد، وتعرف بدار فاطمة49.
 


1-مستدرك الصحيحين 3/ 153، تهذيب التهذيب 12/ 441 كنز العمال 7/ 111، أسد الغابة 5/ 522، ميزان الاعتدال 2/ 72، ذخائر العقبى ص39.
2-صحيح الترمذي 2/ 319، مسند أحمد بن حنبل 4/ 5، وفي صحيح الترمذي، قال صلّى الله عليه وآله: "فإنما ابنتي -يعني فاطمة- بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها" وفي كنز العمال 6/ 219، قال صلّى الله عليه وآله:"إنما فاطمة شجنة مني يبسطني ما يبسطها ويغضبني ما يغضبها".
3 -أسد الغابة 5/ 522، وفي مسند أحمد بن حنبل 6/ 112، قال:"فاطمة سيدة نساء هذه الأمة أو نساء المؤمنين" وفي صحيح البخاري في كتاب بدء الخلق" أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة أو نساء المؤمنين".
4 -نساء لهن في التاريخ الإسلام نصيب ص84.
5-ذُكر عرض مفصّل لولادة الإمام الزكي أبي محمد عليه السلام في كتابن حياة الإمام الحسن 1/ 49 -56.
6-المعارف لابن قتيبة ص 158.
7-أم الفضل:هي لبابة الكبرى زوج العباس بن عبد المطلب وهي أول امرأة أسلمت بمكة بعد السيدة خديجة بنت خويلد، وكانت أثيرة عند النبي صلّى الله عليه وآله فكان يزورها، ويقيل في بيتها، روت عنه أحاديث كثيرة، ولدت للعباس الفضل، و عبد الله، وعبيد الله وقثم وعبد الرحمان وأم حبيب.
8-مستدرك الصحيحين 3/ 127، وفي مسند الفردوسي، قالت أم الفضل: رأيت كأن في بيتي طرفاً من رسول الله صلّى الله عليه وآله فجزعت من ذلك، فأتيته، فذكرت له ذلك، فقال صلّى الله عليه وآله: هو ذلك، فولدت فاطمة حسينا، فأرضعته حتى فطمته، وفي تاريخ الخميس 1/ 418 أن هذه الرؤيا كانت قبل ولادة الإمام الحسن عليه السلام.
9-مسند الإمام زيد ص 46 وفي أمالي الصدوق ص120 أن النبي صلّى الله عليه وآله أخذ الحسين بعد ولادته، ثم دفعه إلى صفية بنت عبد المطلب وهو يبكي ويقول: لعن الله قوما هم قائلوك يا بني قالها: ثلاثاً، قالت فداك أبي وأمي، ومن يقتله؟ قال تقتله الفئة الباغية من بني أمية.
10-تاريخ ابن عساكر 14/ 313، تهذيب الأسماء 1/ 163، مقاتل الطالبين ص78 خطط المقريزي 2/ 285، دائرة المعارف للبستاني 7/ 48، جوهرة الكلام في مدح السادة الأعلام ص116؛ الإفادة في تاريخ الأئمة السادة ليحيى بن الحسين المتوفى سنة 424هـ من مصورات مكتبة الإمام الحكيم، الذرية الطاهرة من مخطوطات مكتبة الإمام أمير المؤمنين العامة، مجمع الزوائد 9/ 194، أسد الغابة 2/ 18، الإرشاد ص 18.
11-أصول الكافي 1/ 463، خطط المقريزي 2/ 285، الاستيعاب المطبوع على هامش الإصابة 1/ 377.
12-المعجم الكبير للطبراني من مخطوطات مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام تحفة الأزهار وزلال الأنهار من مخطوطات مكتبة الإمام كاشف الغطاء العامة، خطط المقريزي 2/ 185.
13-إمتاع الأسماع ص187، أسد الغابة 2/ 18، الذرية الطاهرة.
14-فتح الباري في باب مناقب الحسن والحسين.
15-المقنعة، التهذيب، الدروس.
16-كشف الغمة 2/ 216، تحفة الأزهار وزلال الأنهار.
17-روى علي عليه السلام أن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: "من ولد له مولود فليؤذن في أذنه اليمنى، وليقم في اليسرى فإن ذلك عصمة له من الشيطان الرجيم"وقد أمرني بذلك في الحسن والحسين، وأن يقرأ مع الأذان والإقامة فاتحة الكتاب وآية الكرسي، وآخر سورة الحشر، وسورة الإخلاص والمعوذتين، جاء ذلك في دعائم الإسلام 1/ 178.
18-الرياض النضرة.
19-أسد الغابة 2/ 11، وفي تاريخ الخلفاء ص188 روى عمران بن سليمان قال: الحسن والحسين اسمان من أسماء أهل الجنة، ما سمعت العرب بهما في الجاهلية.
20-نهاية الارب 18/ 213، الاستيعاب المطبوع على هامش الإصابة 1/ 368، تهذيب التهذيب 2/ 296، مسند أحمد بن حنبل.
21-مسند الإمام أحمد بن حنبل.
22-المعجم الكبير للطبراني.
23-مسند الإمام زيد ص468، تحفة الأزهار وزلال الأنهار، وجاء في الذرية الطاهرة عن عائشة أن رسول الله صلّى الله عليه وآله عق عن الحسن والحسين شاتين شاتين، وذبح عنهما يوم السابع، وقال: اذبحوا على اسمه، فقولوا:"بسم الله اللهم لك وإليك هذه عقيقة فلان" وروى هذه الرواية الحاكم في المستدرك 4/ 237، وطعن بها شمس الدين الذهبي في تلخيص المستدرك 4/ 237 وقال: إن راويها سوار وهو ضعيف، وذهب مشهور الفقهاء إلى استحباب ذبح شاة واحدة في العقيقة.
24-الرياض النضرة، صحيح الترمذي، نور الأبصار.
25-دعائم الإسلام 2/ 185.
26-الخلوق:طيب مركب من زعفران وغيره.
27-البحار 10/ 68.
28-جواهر الأحكام كتاب النكاح، وجاء فيه أن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: "طهروا أولادكم يوم السابع فانه أطيب وأطهر، وأسرع لنبات اللحم، وأن الأرض تنجس من بول الأغلف أربعين يوماً...".
29-المناقب 3/ 50.
30-ذخائر العقبى ص134 مشكل الآثار.
31-ذخائر العقبى ص134.
32-المعجم الكبير للطبراني من مصورات مكتبة الإمام أمير المؤمنين العامة.
33-المنمق في أخبار قريش ص535، خطط المقريزي 2/ 285 الإفادة في تاريخ الأئمة السادة من مصورات مكتبة الإمام الحكيم العامة.
34-المعجم الكبير للطبراني.
35-الإفادة في تاريخ الأئمة السادة.
36-محاضرات الأوائل والأواخر لعلي درة الحنفي ص71 وفي مصابيح السنة 2/ 202 عن أنس قال: لم يكن أحد أشبه بالنبي صلّى الله عليه وآله من الحسن بن علي، وقال في الحسين: كان أشبههم برسول الله صلّى الله عليه وآله وفي أنساب الأشراف ج1 / ق1: إن الحسين كان يشبه النبي صلّى الله عليه وآله.
37-أنساب الأشراف للبلاذري ج 1/ ق 1، مخطوط بمكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام العامة.
38-أنساب الأشراف للبلاذري ج 1/ ق 1.
39-تحفة الأزهار وزلال الأنهار.
40-دائرة المعارف للبستاني 7/ 48.
41-نور الأبصار ص114، جوهرة الكلام في مدح السادة الأعلام ص116.
42-دلائل الإمامة ص73.
43-الإرشاد ص103.
44-الفصول المهمة ص176 نور الأبصار ص152.
45-المناقب 4/ 717، أنساب الأشراف ج 1/ ق 1.
46-جاء في نور الأبصار أن نقش خاتمه كان " لكل أجل كتاب ".
47-دلائل العامة ص73.
48-ريحانة الرسول ص38.
49-وفاء الوفاء.