المقالات
محطات من محرم الحرام
مسلم بن عقيل ثبات وشهادة
علي الأكبر(ع) تضحية ووفاء
العباس (ع) تضحية ووفاء
الطالب بدم المقتول بكربلاء
مصائب النسوة والأطفال
تاريخ النهضة الحسينية
في درب الشهادة
رجال حول الحسين
سفير الحسين
عاشوراء والإمام الخميني
مواقف خالدة
رحلة السبي
خصائص ومرتكزات
شهادة الإمام السجاد
محطات قدسية
مجالس ومأتم
معرض الصور
لوحات عاشورائية
مراقد وأماكن مقدسة
مخطوطات
المكتبة
المكتبة الصوتية
المكتبة المرئية
 
 

 

الهجوم على المخيّمات لسلب النساء

وبعدما قُتِلَ الإمام الحسين عليه السّلام بمدّة قصيرة، هجم جيش الأعداء بكلّ وحشيّة على خيام الإمام الحسين عليه السّلام، وهم على خيولهم حتّى سُحِقَ سبعة من الأطفال تحت حوافر الخيل ساعة الهجوم، وقد سجّل التاريخ أسماء خمسة منهم، وهم:

* بنتان للإمام الحسن المجتبى عليه السّلام.
* طفلان لعبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب، واسمهما: سعد وعقيل.
* عاتكة بنت مسلم بن عقيل، وكان عمرها سبع سنوات.
* محمّد بن أبي سعيد بن عقيل بن أبي طالب، وكان له من العمر سبع سنوات.

نعم، لقد كان الهجوم على العائلة المفجوعة لتوها بعيداً عن الرحمة والإنسانيّة، وقد وصف التاريخ ذلك الهجوم، بقوله: وتسابق القوم على نهب بيوت آل الرسول وقرّة عين الزهراء البتول، حتّى جعلوا ينزعون ملحفة المرأة عن ظهرها. وكانت المرأة تجاذب على إزارها وحجابها حتّى تُغْلَب على ذلك. وخرجنَ بنات آل الرسول وحريمه يتساعدنَ على البكاء، ويندبنَ لفراق الحماة والأحباء.

قال حميد بن مسلم: رأيت امرأة من بني بكر بن وائل كانت مع زوجها في عسكر عمر بن سعد، فلمّا رأت القوم قد اقتحموا على نساء الإمام الحسين في خيامهنَّ، وهم يسلبونهنَّ، أخذت سيفاً وأقبلت نحو الخيام، وقالت: يا آلَ بكر بن وائل، أتُسلب بنات رسول الله؟! لا حكم إلاّ لله ! يا لثارات رسول الله ! فأخذها زوجها، وردّها إلى رحله.

قالت فاطمة بنت الإمام الحسين عليه السّلام: كنت واقفة بباب الخيمة، وأنا أنظر إلى أبي وأصحابه مجزّرين كالأضاحي على الرمال، والخيول على أجسادهم تجول. وأنا أفكر فيما يقع علينا بعد أبي من بني اُميّة، أيقتلوننا أم يأسروننا؟ فإذا برجل على ظهر جواده يسوق النساء بكعب رمحه، وهنَّ يلذنَ بعضهنَّ ببعض، وقد أخذ ما عليهنَّ من أخمرة وأسورة، وهنَّ يصحنَ: وا جدّاه ! وا أبتاه ! وا عليّاه ! وا قلّة ناصراه ! وا حسيناه ! أما من مجير يجيرنا؟ أما من ذائد يذود عنّا؟ قالت: فطار فؤادي، وارتعدت فرائصي، فجعلت أجيل بطرفي يميناً وشمالاً على عمّتي اُمّ كلثوم خشيةً منه أن يأتيني، فبينا أنا على هذه الحالة وإذا به قد قصدني، ففررت منهزمة وأنا أظنّ أنّي أسلم منه، وإذا به قد تبعني، فذهلت خشيةً منه، وإذا بكعب الرمح بين كتفي، فسقطت على وجهي، فخرم أُذني وأخذ قرطي ومقنعتي، وترك الدماء تسيل على خدّي، ورأسي تصهره الشمس، وولّى راجعاً إلى المخيّم وأنا مغشيٌّ عليّ. وإذا بعمّتي عندي تبكي، وهي تقول: قومي نمضي، ما أعلم ما جرى على البنات، وعلى أخيك العليل.

فما رجعنا إلى الخيمة إلاّ وهي قد نهبت وما فيها، وأخي علي بن الحسين مكبوب على وجهه لا يطيق الجلوس من كثرة الجوع والعطش والأسقام، فجعلنا نبكي عليه ويبكي علينا. وروي عن السيّدة زينب عليها السّلام أنّها قالت: كنت في ذلك الوقت واقفة في الخيمة إذ دخل رجل أزرق العينين، فأخذ ما كان في الخيمة، ونظر إلى علي بن الحسين وهو على نطع من الأديم ـ وكان مريضاً ـ فجذب النطع من تحته، ورماه إلى الأرض.

قال حميد بن مسلم: انتهيت إلى علي بن الحسين، وهو مريض ومُنبسط على فراش، إذ أقبل شمر بن ذي الجوشن ومعه جماعة من الرجّالة، وهم يقولون [له: ألا تقتل هذا العليل؟
فهمّ اللعين بقتله، فقلت: سبحان الله ! أتقتل الصبيان؟! إنّما هو صبي.
فلم يمتنع اللعين وسلّ سيفه ليقتله، فألقت زينب عليها السّلام بنفسها عليه، وقالت: والله لا يُقتل حتّى أُقتل.
فأخذ عمر بن سعد بيده، وقال: أمّا تستحي من الله، تريد أن تقتل هذا الغلام المريض؟!
فقال شمر: قد صدر أمر الأمير عبيد الله بن زياد أن أقتل جميع أولاد الحسين.
فبالغ عمر في منعه، فكفّ عنه.


* زينب الكبرى عليها السلام من المهد الى اللحد / السيد محمد كاظم القزويني الفصل الحادي عشر .